الشيخ منير القادري بودشيش يجمع بين الإرث الروحي الموصول بسند النور المحمدي

الأنوال نيوز متابعة
نبدة عن شيخ الشريف الدكتور مولاي منير حفظه الله:
هو الشيخ العارف بالله، العالم المتمكن، والولي المربّي، صاحب البشارة والإشارة المحققة، نورا وعيانا، في بصائر الصادقين من ذوي الهمم العلية، صاحب الجمع بين الإرث الروحي الموصول بسند النور المحمدي، والتكوين العلمي الرصين متعدد الأبعاد، صاحب الفكر الرصين والسند المتين، الدكتور مولاي منير القادري بودشيش، بن العارف بالله، العالم المجدد، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، الدكتور مولاي جمال الدين، قدس الله سره، بن العارف بالله، معدن الصفاء ومرسى الوفاء، العلامة المجدد الشيخ سيدي الحاج حمزة، قدس الله سره، بن العارف بالله، الواصل المربي، القطب الواصل الموصل سيدي الحاج العباس، رضي الله عنه، مسلسلاً نسبه الروحي والجسدي إلى القطب الرباني، والغوث الصمداني، الباز الأشهب، مولانا عبد القادر الجيلاني، قدس الله سره، إلى سيد الوجود، وإمام الشهود، سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، صلاة تامة دائمة، تتصل ما تعاقب الليل والنهار، ما تعاقبت الأسرار والأنوار.
وُلد رضي الله عنه، ونشأ في بيت مشيخة وولاية وصلاح، موروث عبر أجيال متعاقبة من الشيوخ العارفين، الذين شادوا بنيان التربية الإحسانية على أنفاس الذكر، وأنوار القرآن، ومجالس العلم المصفّى. ومنذ نعومة أظفاره، ترعرع في ظلال المحبة النبوية، ملازمًا والده سيدي جمال الدين، وجدّه سيدي الحاج حمزة، قدس الله سرهما، مستنشقًا عبير الإخلاص وخدمة الطريق، مستوعبًا أن المشيخة عهد ومسؤولية ورسالة دينية سامية، تقتضي الصبر والحكمة والبصيرة. وفي هذا الحضن المشرق، تفتّق وعيه على متابعة شؤون الزاوية عن قرب، واستقبال الوفود من أصقاع الأرض، حتى منحه جده، في سن مبكرة، ثقته في تمثيل الطريقة داخل المغرب وخارجه، لما وجد فيه من صفاء السريرة وعمق النظر، فواصل المسير بجانب والده، مشاركًا في اللقاءات والملتقيات العالمية، معرفًا بالتصوف المغربي وأصوله، منافحا عن منظومة القيم الدينية والوطنية والكونية، مبينا معاني التصوف الحق، كما تجسده الطريقة القادرية البودشيشية، والمتمثل في الجمع بين الشريعة والطريقة والحقيقة، بين الإيمان والعمل والحال، بين تهذيب الباطن والتخلق بالأخلاق المحمدية، والانخراط الفاعل في خدمة المجتمع وقضاياه.
وفي مجال التكوين، جمع بين التربية الإحسانية الأصيلة ذات السند المتصل، والتحصيل العلمي المتنوع، فنهل منذ صغره من معين علماء المغرب الكبار، وأخذ عنهم مباشرة، وأجازوه إجازات عامة وخاصة، ومن أبرزهم الفقيه المحدث، سيدي عبد العزيز بن الصديق الغماري، الذي أجازه كتابة إجازة عامة. ثم انتقل إلى الرباط، فالتحق بدار الحديث الحسنية، حيث نال شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، تخصص أصول الفقه، متتلمذًا على نخبة من كبار العلماء، مثل الدكتور محمد الراوندي، والدكتور محمد المختار ولد أباه، والدكتور محمد فاروق النبهان، والعلامة الفقيه محمد بن أحمد الأزرق، والفقيه الدكتور عبد السلام الإدغيري، والفقيه القانوني شكري السباعي، وغيرهم من أعلام المغرب.
كما وسع معارفه بالدراسة الأكاديمية الحديثة، فحصل على الدكتوراه في علوم الأديان والأنساق الفكرية من المدرسة التطبيقية للدراسات العليا بجامعة السوربون في باريس، وماستر في التدبير الاستراتيجي والذكاء الاقتصادي من مدرسة الحرب الاقتصادية بباريس، وماجستير في أنظمة الاتصال والمعلومات من جامعة باريس، ودبلوم الدراسات المعمقة في الدراسات السوسيولوجية والاقتصادية من نفس الجامعة، وماجستير في التدبير من جامعة بيير مانديز بفرنسا، إضافة إلى إجازة في الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية الدولية من جامعة غرونوبل، وإجازة في الآداب والحضارة العربية الإسلامية من جامعة محمد الأول بوجدة، مع سلسلة من الدورات المتخصصة في الإدارة، وتحسين الأداء، والتسويق، والتميز التشغيلي، والمعايير المحاسبية الدولية.
وتجلّى عطاءه العملي في مسار مهني جمع بين التدريس الجامعي والعمل المؤسسي والاستشارات الدولية، فاشتغل أستاذًا ومحاضرًا في الفقه، والاقتصاد الإسلامي، والحضارة العربية الإسلامية، في جامعات مغربية وأوروبية، وألقى محاضرات ودورات في مؤسسات أكاديمية ومصرفية مرموقة، مثل جامعة باريس-دوفين، والبنك المركزي التونسي، وجامعة بادوفا في إيطاليا. وتولّى منذ سنة 2007 إدارة الملتقى العالمي للتصوف، الذي يقام سنويًا تحت الرعاية السامية لمولانا أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله، جامعًا العلماء والمفكرين من مختلف القارات للتداول في قضايا العصر، والبحث عن حلول من معين المرجعية الصوفية. كما أسس المركز الأورو-متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، وكان عضوًا في المجلس الأوروبي لعلماء المغرب ببروكسيل، ورئيسًا للجنة المستقلة للتمويل الإسلامي في أوروبا، ومستشارًا وخبيرًا لدى مؤسسات مصرفية وهيئات استشارية.
وبهذا الرصيد العلمي والروحي والعملي، تجمعت فيه الأهلية التامة للتربية والدلالة على الله بما يتناسب ومقتضيات الواقع الإنساني المعاصر، وهو ما أكدته الوصية المباركة المتواترة من مشايخ هذه الزاوية المباركة، بدءًا من سيدي الحاج العباس، قدس الله سره، الذي بشّر بأن السر بعده إلى سيدي حمزة، ثم إلى سيدي جمال، ومنه إلى سيدي منير. وهي الوصية التي وثّقها سيدي حمزة كتابة، بنص صريح: «… أن الإذن الذي لدينا في تلقين الذكر والدعوة إلى الله عن طريق الافتقار إليه، ينتقل بعد مماتنا إلى ولدنا الأرضى مولاي جمال الدين، ثم من بعده إلى ابنه البار مولاي منير». وتكرّست البشارة مرة أخرى في وصية والده، حيث جاء فيها: «اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك ورسلك وأنبياءك وأولياءك إني قد أوصيت بهذا السر لابني البار، مولاي منير، من بعدي، فاقْبَلهُ وأقبل عليه، وكن له، ولا تكن عليه، وثبته وأيده وكن له وليا ونصيرا، في الدنيا والآخرة، يا رب، يا أرحم الراحمين…». فتواترت وصايا المشايخ على أحقيته بالإرشاد والدلالة على الله حالًا ومقالًا، وأقرّت له بالمقام الجامع بين العلم والحال، فكان خير خلف لخير سلف، حافظًا للأمانة، وناشرًا لأنوار السلسلة في الآفاق.
فاللهم ثبتنا على العهد ....
أوكي..